أمر الله عباده أن يختموا الأعمال الصالحات بالاستغفار، فكان صلى الله عليه و اله و سلم إذا سلم من الصلاة يستغفر ثلاثا، وقد قال تعالى : وَ الْمُسْتَغْفِرِينَ  بِالْأَسْحَار ِآل عمران: ١٧، فأمرهم أن يقوموا بالليل ويستغفروا بالأسحار، وكذلك ختم سورة  المزمل( وهي سورة قيام الليل بقوله تعالى: وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ المزمل 20


تأمل قوله تعالى : لَّا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ آل عمران: ٢٨؛ لأن اتخاذهم أولياء – بعد أن سفه الآخرون دينهم، وسفهوا أحلامهم في اتباعه – يعد ضعفا في الدين، وتصويبا للمعتدين


في قوله تعالى: قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي آل عمران: ٣١، عبر بلفظ الاتباع دلالة على التقرب؛ لأن من آثار المحبّة تطلّب القرب من المحبوب، وعلق محبة الله تعالى على لزوم اتباع الرسول؛ لأنه رسوله الداعي لما يحبه


تأمل هذه الآية: قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ آل عمران: ٣١، إنها آية واضحة في بيان معيار المحبة والاتباع الحقيقي للنبي صلى الله عليه و اله و سلم ، فلا يصح لأحد أن يزايد على هذه المحبة بفعل ما لم يشرعه، فضلا عن الابتداع في دينه بدعوى المحبة، وأشد من ذلك أن يقلب الأمر فيوصف من لم يوافق المبتدع على بدعته، بأن محبته للنبي – صلى الله عليه و اله و سلم – ناقصة.

عندما بُشر زكرياء بالولد، قال:  قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّي آيَةً ۖ قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ  آل عمران: ٤١، فأمسك عليه لسانه، فلم يتكلم بشيء من كلام الناس، ثم قال له: واذكر ربك كثيراً، فلو أذن لأحد بترك الذكر لأذن لزكريا عليه السلام


قوله تعالى:  فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنْهُمُ الْكُفْرَ  آل عمران: ٥٢، تنبيه أنه ظهر منهم الكفر ظهوراً بان للحس، فضلاً عن التفهم


تأمل قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَىٰ بِهِ  آل عمران: ٩١ فلو أن كافرا تقرب بسبيكة ذهبية بحجم الكرة الأرضية؛ لينجو من النار ما قبل منه، بينما لو جاء أفقر مسلم مر على الدنيا كلها، فإن مآله إلى الجنة، فهل ندرك عظيم نعمة الله علينا بالهداية للإسلام


 فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا  آل عمران: ٩٥،  وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ  لقمان فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ  الأنعام: ٩٠ تأمل الرابط بينها، تجد أنه أمر باتباع السبيل والملة والهدى مع أن هؤلاء أئمة معصومون؛ وذلك لتوجيه الأمة بألا تقتدي بالأفراد لذواتهم مهما علا شأنهم وارتفعت مكانتهم وإنما تقتدي بهداهم، فإن زل أحد عن المنهج بقيت هي على الطريق، وهذا درس عظيم لو وعاه كثير من المسلمين لسلموا من التعصب الذي أضل الأمة

 وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ  مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ  عَنِ الْعَالَمِينَ آل عمران: ٩٧ “هذا من أوكد ألفاظ الوجوب عند العرب، وإنما ذكر الله سبحانه الحج بأبلغ ألفاظ الوجوب؛ تأكيدا لحقه، وتعظيما لحرمته، وتقوية لفرضه


 وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَىٰ  عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ ۗ وَمَن يَعْتَصِم  بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ  آل عمران: ١٠١في الآية دلالة على عظم قدر الصحابة، وأن لهم وازعين عن مواقعة الضلال: سماع القرآن، ومشاهدة الرسول عليه السلام، فإن وجوده عصمة من ضلالهم . قال قتادة أما الرسول فقد مضى إلى رحمة الله، وأما الكتاب فباق على وجه الدهر


قال تعالى:  وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ  آل عمران: ١٠٣، ثم قال في آية بعدها:  وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ  آل عمران: ١٠٤، أي: كما عرفتم النعيم والكمال بعد الشقاء والشناعة، فالأحرى بكم أن تسعوا بكل عزم إلى انتشال غيركم من سوء ما هو فيه إلى حسنى ما أنتم عليه


“ينبغي لقارئ القرآن أن يعتني بقراءة الليل أكثر، قال تعالى:   مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ  آل عمران: ١١٣ وإنما رجحت صلاة الليل وقراءته؛ لكونها أجمع للقلب وأبعد عن الشاغلات والملهيات، والتصرف في الحاجات، وأصون عن الرياء وغيره من المحبطات


يدل قوله تعالى:  وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا  آل عمران:120 ، على أن الاستثمار الأساسي في مواجهة عدوان الخارج يجب أن يكون بتحصين الداخل من خلال الاستقامة على أمر الله، ومن خلال النجاح في مواكبة معطيات العصر


 أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ  آل عمران: ١٤٢ “العقلاء يستحيون أن يطلبوا السلعة الغالية بالثمن التافه – وهم يبدون استعدادهم للتضحية بأنفسهم في سبيل ما ينشدون – إلا أن الاستعداد أيام الأمن يجب ألا يزول أيام الروع


  وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ  مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ  أَعْقَابِكُمْ ۚ  آل عمران: ١٤٤، لقد جمع النبي – صلى الله عليه و اله و سلم – الناس حوله على أنه عبد الله ورسوله، والذين ارتبطوا به عرفوه كذلك، فإذا مات عبد الله، بقيت الصلة الكبرى بالحي الذي لا يموت؛ فأصحاب العقائد الحقة أتباع مبادئ لا أتباع أشخاص


علق العلامة السعدي على قوله تعالى:  فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ  آل عمران: ١٥٩ بقوله: “فهل يليق بمؤمن بالله ورسوله، ويدعي اتباعه والاقتداء به، أن يكون كلا على المسلمين، شرس الأخلاق   شديد الشكيمة عليهم، غليظ القلب، فظ القول، فظيعه؟


 فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ  آل عمران: ١٥٩، دلت الآية على أن لينه عليه الصلاة والسلام لمن خالفوا أمره وتولوا عن موقع القتال؛ إنما كان برحمة من الله، فالله حقيق بحمد نبيه – – إذ وفقه بفضيلة الرفق لأولئك المؤمنين، وحقيق   بحمد أولئك المؤمنين، إذ كان لين رسوله –  صلى الله عليه و اله و سلم  – إنما هو أثر من آثار رحمة الله


 

 وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ  آل عمران: ١٥٩، ليعتبر بهذه الآية من يتولى أمراً يستدعي أن يكون بجانبه أصحاب يظاهرونه عليه حتى يعلم يقينا أن قوة الذكاء وغزارة العلم، وسعة الحياة وعظم الثراء: لا تكسبه أنصاراً مخلصين ولا تجمع عليه من فضلاء الناس من يثق بصحبتهم إلا أن يكون صاحب خلق كريم، من اللين والصفح والاحتمال


 وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ  آل عمران: ١٥٩، “أمر الله نبيه –   صلى الله عليه و اله و سلم  – وهو أكمل الناس عقلاً- أن يشاور، إذ الحقيقة أن الإنسان -وإن بلغ عقله الغاية- لا يستغني عن الاستعانة في مشكلات الأمور بآراء الرجال؛ إذ العقول قد تكون نافذة في ناحية من الأمر، واقفة عند الظاهر في ناحية أخرى


سئلت أختٌ أسلمت قريباً عن أعظم آية تستوقفها بعد هدايتها للإسلام؟ فقالت: هي الآية ١٦٣ آل عمران:  هُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ  نسأل الله لنا ولها الثبات على دينه


إن مجرد طول العمر ليس خيراً للإنسان إلا إذا أحسن عمله؛ لأن طول العمر أحياناً يكون شراً للإنسان وضرراً عليه، كما قال تعالى:  وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا  أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ ۚ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ  لِيَزْدَادُوا إِثْمًا ۚ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ  آل عمران: ١٧٨، فهؤلاء الكفار يملي الله لهم أي يمدهم بالرزق والعافية وطول العمر والبنين والزوجات لا لخير لهم، ولكنه لشر لهم؛ لأنهم سوف يزدادون بذلك إثماً


  وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُم ۖ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ  آل عمران: ١٨٠، كثيرون يقصرون معنى هذه الآية على البخل بالمال، والمعنى أشمل وأعم كما ورد عن ابن عباس واختاره ابن كثير، ولهذا لم يدرك أولئك خطورة ما يبخلون به من علم أو جاه أو نعمة خصهم الله بها، ويحسبون أنهم يصنعون خيراً لأنفسهم، وما صنعوا إلا شراً، والجزاء العاجل سلب هذه النعم من العبد، وغدا  سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ  آل عمران: ١٨٠


ما نسمعه من النصارى وأضرابهم من سب حبيبنا  صلى الله عليه و اله و سلم والإساءة إليه، قد جاء الخبر عنه في القرآن:  وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا ۚ  آل عمران: ١٨٦، ثم بين المخرج فقال:  وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ  فإذا صبرنا على ديننا، ولم نتعد حدود الله بعواطفنا، واتقينا ربنا، فإن العاقبة لنا


من فضائل القرآن أنه المنادي للإيمان، كما قال تعالى:  رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا ۚ  آل عمران: ١٩٣، قال محمد بن كعب: ليس كل الناس سمع النبي – صلى الله عليه و اله و سلم  -، ولكن المنادي القرآن


تدبر هذه الآية:  فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِن  دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ  عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ  آل عمران: ١٩٥ الله أكبر! كل هذه الأعمال العظيمة: هجرة، وإخراج من الديار، وجهاد، بل وقتل، ومع ذلك يقول الله:  لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ  ! وأحدنا اليوم يجر نفسه لصلاة الفرض جراً، ويرى   أنه بلغ مرتبة الصديقين


ليدبرو آياته  

تم عمل هذا الموقع بواسطة