لما قال العبد بتوفيق ربه اهدنا الصراط المستقيم الفاتحة: ٦، قيل له: ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ البقرة: ٢ هو مطلوبك، وفيه أربك وحاجتك، وهو الصراط المستقيم : هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ القائلين اهدنا الصراط المستقيم الفاتحة: ٦ والخائفين من حال المغضوب عليهم والضالين.
ابنالزبيرالغرناطي/ البرهانفيتناسبسورالقرآن
وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ البقرة: ٣ اهتم القرآن الكريم بمدح المنفقين والحث على الإنفاق، إذ كان من أعظم الوسائل إلى رقي الأمم وسلامتها من كوارث شتى، كالفقر، والجهل، والأمراض المتفشية، فببذل المال تسد حاجات الفقراء، وتشاد معاهد التعليم، وتقام وسائل حفظ الصحة، إلى ما يشاكل هذا من جلائل الأعمال.
محمدالخضرحسين/أسرارالتنزيل
قال تعالى عن المنافقين وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ البقرة: ١٤، فتأمل كيف قالوا إِنَّا مَعَكُمْ مع أن مقتضى الظاهر أن يكون كلامهم بعكس ذلك؛ لأن المؤمنين يشكون في إيمان المنافقين، وقومهم لا يشكون في بقائهم على دينهم؛ لأنه لما بدا من إبداعهم في النفاق عند لقاء المسلمين ما يوجب شك كبرائهم في البقاء على الكفر، وتطرق به التهمة أبواب قلوبهم: احتاجوا إلى تأكيد ما يدل على أنهم باقون على دينهم!
ابنعاشور/ التحريروالتنوير
تأمل في قوله تعالى عن المنافقين ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَّا يُبْصِرُونَ البقرة: ١٧، كيف قال بِنُورِهِمْ فجعله واحداً، و لما ذكر ظُلُمَاتٍ جمعها ؛ لأن الحق واحد - وهو الصراط المستقيم - بخلاف طرق الباطل، فإنها متعددة متشعبة، ولهذا يفرد الله الحق ويجمع الباطل كقوله اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ البقرة: ٢٥٧.
ابنالقيم/ الفوائد
في القرآن بضعة وأربعون مثلاً، والله تعالى - بحكمته - يجعل ضرب المثل سببا لهداية قوم فهموه، وسببا لضلال لقوم لم يفهموا حكمته، كما قال تعالى فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۖ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلًا ۘ البقرة: ٢٦.
الشنقيطي/ أضواءالبيان
الصبر زاد، لكنه قد ينفد؛ لذا أمرنا أن نستعين بالصلاة الخاشعة؛ لتمد الصبر وتقويه وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ البقرة: ٤٥
د.محمدالخضيري
وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ البقرة: ٤٥، المعنى أن الصلاة صعبة إلا على الخاضعين الذين أسلموا وجوههم لله، والصلاة من حيث إنها قيام وركوع وسجود وجلوس ليس فيها صعوبة، والصعوبة من جهة أن الصلاة بحق هي التي يدخلها المصلي بقلب حاضر، فيؤديها مبتغيا رضا الله، تاليا القرآن بتدبر، ناطقا بالدعوات والأذكار التي تشتمل عليها عن قصد إلى كل معنى، دون أن تجري على لسانه، وهو في غفلة عن معانيها التي هي روح العبادة.
محمدالخضرحسين/ أسرارالتنزيل
وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ البقرة: ٥٠ فإغراق العدو أو إهلاكه نعمة، وكونه ينظر إلى عدوه - وهو يغرق – نعمة أخرى؛ لأنه يشفي صدره؛ وعند عجز الناس لا يبقى إلا فعل الله ؛ ولهذا في غزوة الأحزاب نُصروا بالريح التي أرسلها الله تعالى.
ابنعثيمين/ تفسيرالقرآن
وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ البقرة: « ٥٠ لما كان الغرق من أعسر الموتات وأعظمها شدة، جعله الله تعالى نكالاً لمن ادعى الربوبية، وعلى قدر الذنب يكون العقاب، ويناسب دعوى الربوبية والاعتلاء، انحطاط المدعي وتغييبه في قعر الماء
الألوسي/ رواحالمعاني
ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَٰلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً البقرة: ٧٤ فائدة تشبيه قسوة القلب بالحجارة مع أن في الموجودات ما هو أشد صلابة منها: هي أن الحديد والرصاص إذا أذيب في النار ذاب، بخلاف الحجارة.
ابنسعدي/ تفسيره
خص الله اليهود بتحريف كلامه في مواضع كثيرة، وهاهم اليوم يجددون هذا المسلك بما أعلنت عنه وزارة خارجية إسرائيل من إطلاق مشروع عالمي لتفسير القرآن بعنوان: «قرآنت » ليكون -بزعمها- وسيلة تربوية، فعلى المسلمين أن يحذروا من الوقوع في هذا الفخ، وليتأملوا جيدًا قول الذي خلقهم وكشف أستارهم أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ البقرة: ٧٥ .
إذا منع الله عباده المؤمنين شيئا تتعلق به إرادتهم، فتح لهم بابا أنفع لهم منه وأسهل وأولى، كقوله تعالى: مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ۗ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ البقرة: ١٠٦، وقوله وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِّن سَعَتِهِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا لنساء: ١٣٠، وفي هذا المعنى آيات كثيرة
ابن سعدي
فحاول - وفقك الله - أن تقيد بعض نظائر هذا المعنى الذي نبه إليه الشيخ رحمه الله.
القواعدالحسانفيتفسيرالقرآن
تدبر قوله تعالى وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ البقرة: ١٠٩، تجده دليلا واضحا على أن حرمان التوفيق أقعدهم عن الإيمان، فإنهم لم يحسدوا غيرهم عليه، إلا بعد أن تبينت لهم حقيقته إذ محال أن يحسدوا غيرهم على ما هو باطل عندهم، وفي أيديهم ما يزعمون أنه خير منه.
الإمامالقصاب/ نكتالقرآن
في قوله تعالى وَقَالُوا لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَن كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ ۗ تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ ۗ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ البقرة: ١١١ ، دليل على أن كل مدعٍ دعوى محتاج إلى تثبيتها، وإقامة البرهان عليها، وإذا كان المدعى عن شيء لله : لم يقبل ذلك البرهان إلا عن الله تعالى؛ لقوله في الآية التي قبل هذه قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللَّهِ عَهْدًا البقرة: ٨٠ .
القصاب/ نكتالقرآن
إذا ذكر أهل الكتاب - في القرآن - بصيغةالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ فهذا لا يذكره الله إلا في معرض المدح، وإذا ذكروا بصيغة أُوتُوا نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ آل عمران: ٢٣، فلا تكون إلا في معرض الذم، وإن قيل فيهم: )أوتواالكتاب( فقد يتناول الفريقين؛ لكنه لا يفرد به الممدوحون فقط، وإذا جاءت )أهل الكتاب( عمت الفريقين كليهما.
ابنالقيم/ مفتاحدارالسعادة
وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ البقرة: ١٢٦، تأمل التلازم الوثيق بين الأمن والرزق، وبين الخوف والجوع تجده مطردا في القرآن كله، مما يؤكد أهمية ووجوب المحافظة على الأمن؛ لما يترتب على ذلك من آثار كبرى في حياة الناس وعباداتهم واستقرارهم البدني والنفسي، وأي طعم للحياة والعبادة إذا حل الخوف؟ بل تتعثر مشاريع الدين والدنيا، وتدبر سورة قريش تجد ذلك جلياً.
أ.د.ناصرالعمر
لقد كان نبي الله إبراهيم يحمل هم هداية الأجيال القادمة، ولم يقصر نظره على جيله، أو بيته، أو أهله، فقال رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ البقرة: ١٢٩، فيا له من هم ما أكمله، ويا لها من نفس ما أزكاها!
د.محمدالخضيري
وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِّتَعْتَدُوا ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ البقرة: ٢٣١، إنها تربية قرآنية تؤكد على أن الاعتداء على الآخرين هو ظلم للنفس أولا؛ بتعريضها لسخط الله وغضبه.
د.عبدالعزيزالعويد
للتأمل: آية في سورة البقرة -وفي الجزء الأول تحديداً- أدرج فيها العم ضمن الآباء، فما هي؟ هي قوله تعالى أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَٰهَكَ وَإِلَٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَٰهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ البقرة: ١٣٣ ، قال ابن كثير رحمه الله: وهذا من باب التغليب لأن إسماعيل عم يعقوب.
صِبْغَةَ اللَّهِ ۖ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً ۖ وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ البقرة: ١٣٨، فسمي الدين صبغة استعارة ومجازا، حيث تظهر أعماله وسمته على المتدين، كما يظهر أثر الصبغ في الثوب.
القرطبي/ أحكامالقرآن
في قوله تعالى وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا البقرة: ١٤٣، دليل على شرف هذه الأمة من وجوه، منها: وصف الأمة بالعدل والخيرية، ومنها: أن المزكِّي يجب أن يكون أفضل وأعدل من المُزَكّى، ومنها: أن المزكي لا يحتاج للتزكية.
ابنعاشور/ التحريروالتنوير
قوله تعالى لنبيه فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا البقرة: ١٤٤، دون قوله تحبها أو تهواها فيه دلالة على أن ميل الرسول إلى الكعبة ميل لقصد الخير لا لهوى النفس، وذلك أن الكعبة أجدر بيوت الله بأن يكون قبلة؛ فهو أول بيت وضع للناس بالتوحيد، وفي استقبال بيت المقدس أولا،ً ثم التحول إلى الكعبة إشارة إلى استقلال هذا الدين عن دين أهل الكتاب.
ابنعاشور/ التحريروالتنوير
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ البقرة: ١٥٣، توجيه رباني وجدت بركته أخت لنا فجعت بفقد والديها وأخيها وأختها جميعا في حادث، إذ لما اشتدت عليها المصيبة تذكرت هذه الآية ففزعت للصلاة، موقنة بكلام ربها، فتقسم أنه نزل على قلبها سكينة عظيمة خففت عليها مصيبتها. وذلك تأكيد عملي على أثر تدبر القرآن والعمل به في حياة العبد في ظروفه كلها.
تدبر قوله تعالى وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ فتسمية استدراج الشيطان «خطوات » فيه إشارتان:
] 1[ الخطوة مسافة يسيرة، وهكذا الشيطان يبدأ بالشيء اليسير من البدعة، أوالمعصية، حتى تألفها النفس.
] 2[ قوله خُطُوَاتِ دليل على أن الشيطان لن يقف عند أول خطوة في المعصية.
فهدالعيبان
قال تعالى إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ قيل في سبب تقديم الغفور على الرحيم: أن المغفرة سلامة، والرحمة غنيمة، والسلامة مطلوبة قبل الغنيمة.
د.السامرائي/ التعبيرالقرآني
فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ إطلاق وصف الأخ على المماثل في الإسلام أصل جاء به القرآن؛ وجعل به التوافق في العقيدة كالتوافق في نسب الإخوة بل أشد، وحقا فإن التوافق في الدين رابطة نفسانية، والتوافق في النسب رابطة جسدية، والروح أشرف من الجسد!
ابنعاشور/ التحريروالتنوير
وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ البقرة: ١٧٩ ، في القصاص حياة، والتنكير في حَيَاةٌ للتعظيم، وتلك الحياة العظيمة هي ما فيه من ارتداع الناس عن قتل النفوس؛ لأن أشد ما تتوقاه نفوس البشر من الحوادث الموت، فلو علم القاتل أنه يسلم من الموت لأقدم على القتل مستخفا بالعقوبات، ولو ترك الأمر للثأر كما في الجاهلية لأفرطوا في القتل، وتسلسل الأمر، فكان في مشروعية القصاص حياة عظيمة من الجانبين.
ابنعاشور/ التحريروالتنوير
شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ البقرة: ١٨٥ من فضائل شهر الصيام أن الله تعالى مدحه من بين سائر الشهور، بأن اختاره لإنزال القرآن العظيم فيه، واختصه بذلك، ثم مدح هذا القرآن الذي أنزله الله فقال هُدًى لقلوب من آمن به وَبَيِّنَاتٍ لمن تدبرها على صحة ما جاء به، ومفرقا بين الحق والباطل والحلال والحرام
تفسيرالقرآنالعظيم
وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ البقرة : 185 ، الهداية تشمل: هداية العلم، وهداية العمل، فمن صام رمضان وأكمله، فقد منّ الله عليه بهاتين الهدايتين، وشكره سبحانه على أربعة أمور: إرادة الله بنا اليسر، وعدم إرادته العسر، وإكمال العدة، والتكبير على ما هدانا، فهذه كلها نِعَم تحتاج منا أن نشكر الله بفعل أوامره، واجتناب نواهيه.
ابنعثيمين،تفسيرسورةالبقرة
قال بعض السلف: متى أطلق الله لسانك بالدعاء والطلب فاعلم أنه يريد أن يعطيك؛ وذلك لصدق الوعد بإجابة من دعاه، ألم يقل الله تعالى وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَالبقرة: ١٨٦
شرحالحكمالعطائية
تأمل قوله تعالى هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ البقرة: ١٨٧، وما فيها من تربية الذوق والأدب في الكلام، إضافة إلى ما في اللباس من دلالة )الستر، والحماية، والجمال، والقرب(.. وهل أحد الزوجين للآخر إلا كذلك؟ وإن كانت المرأة في ذلك أظهر أثرا كما يشير إلى ذلك البدء بضميرها هُنَّ
د. عويضالعطوي
هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ البقرة: ١٨٧، وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا النبأ: ١٠، قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا الأعراف: ٢٦ تأمل هذه الآيات، تجد الرابط بينها )الستر( والمشترك بين الثياب حسن سترها، فهل يدرك الزوجان أنه عندما يتحدث أحدهما بعيوب شريك حياته ويكشف أسراره قد أصبح كالثوب المخرق قبيح المنظر، فاضح المخبر
أ.د.ناصرالعمر
قال تعالى وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ البقرة: ١٨٧، استدل العلماء بقوله وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ على أن الاعتكاف لا يصح إلا في المسجد، ووجه الدلالة: كأن الأمر مستقر ومفروغ منه، أن الاعتكاف لا يكون إلا في المسجد، وقد حكى القرطبي وغيره الإجماع على ذلك.
تفسيرالقرطبي
كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ البقرة: ١٨٧، إن العلم الصحيح سبب للتقوى ؛ لأنهم إذا بان لهم الحق اتبعوه، وإذا بان لهم الباطل اجتنبوه، ومن علم الحق فتركه، والباطل فاتبعه، كان أعظم لجرمه وأشد لإثمه.
السعدي/ خلاصةتفسيرالقرآن
وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ البقرة: 188 والمراد من الأكل ما يعم الأخذ والاستيلاء، وعبر به؛ لأنه أهم الحوائج، وبه يحصل إتلاف المال غالبا، والمعنى: لا يأكل بعضكم مال بعض، فهو كقوله تعالى وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ الحجرات: ١١
الألوسي/ تفسيره
يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ ۖ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ البقرة: ١٨٩، قال قتادة: سألوا نبي اللهصلى الله عليه و اله و سلم لم جُعِلتْ هذه الأهلة؟ فأنزل الله فيها ما تسمعون فجعلها لصوم المسلمين ولإفطارهم، ولمناسكهم وحجهم، ولعدة نسائهم ومحل دينهم في أشياء، والله أعلم بما يصلح خلقه.
تفسيرالطبري
وفي قوله لِلنَّاسِ إشارة إلى كون الرؤية ميقاتاً للناس كلهم، فما كان رؤية في عهد النبوة فهو المعتبر بعده.
ابنجريرالطبري
وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ۛ وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ البقرة: ١٩٥ ، إذا بذل المسلمون وسعهم ولم يفرطوا في شيء، ثم ارتبكوا في أمر بعد ذلك فالله ناصرهم ومؤيدهم فيما لا قبل لهم بتحصيله، ولقد نصرهم الله ببدر وهم أذلة، لكنهم يومئذ لم يقصروا في شيء، فأما أقوام يتلفون أموال المسلمين في شهواتهم، ويفوتون الفرص وقت الأمن فلا يستعدون لشيء، ثم يطلبون بعد ذلك من الله النصر والظفر فأولئك قوم مغرورون!! ولذلك يسلط الله عليهم أعداءهم بتفريطهم.
ابنعاشور/ التحريروالتنوير
جاء لفظ القرآن في بيان الرخصة بالأسهل فالأسهل فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ البقرة: ١٩٦، ولما أمر النبي كعب بن عجرة بذلك أرشده إلى الأفضل فالأفضل، فقال: )انسك شاة، أو أطعم ستة مساكين أو صم ثلاثة أيام( متفق عليه ، فكل شيء حَسَنٌ في مقامه
ابنكثير/تفسيره
قال تعالى وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ البقرة: ١٩٦ ولم يقل: ولا تقصروا، ففيه دلالة على أن الحلق أفضل وهو مقتضى دعاء الرسول صلى الله عليه و اله و سلم للمحلقين ثلاثاً، وللمقصرين مرة
القرطبي/ لأحكامالقرآن
من بلاغة القرآن في قوله تعالى عن الهدي فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ ۗ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ۗ البقرة: ١٩٦ أنه لم يحدد ما الذي لم يوجد؛ ليشمل من لم يجد الهدي، ومن لم يجد ثمنه، فاستفدنا زيادة المعنى، مع اختصار اللفظ
ابنعثيمين،تفسيرسورةالبقرة
عند التأمل في آيتي فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ البقرة: ١٩٧ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ البقرة: ١٩٦ مع أن الحج قد يكون تطوعاً ؛ لكنه أوجبه على نفسه بمجرد دخوله فيه، ففي هذا درس في تعظيم شأن الالتزام بإتمام أي عمل إيجابي يشرع فيه المسلم، وعدم الخروج منه إلا بمسوغ معتبر عقلا وشرعا، وفي الصحيح: )أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل(.
أ.د.ناصرالعمر
لما نهى الله عباده عن إتيان القبيح قولاً وفعلاً فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ البقرة: ١٩٧، حثهم على فعل الجميل، وأخبرهم أنه عالم به، وسيجزيهم عليه أوفر الجزاء يوم القيامة فقال وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ البقرة: ١٩٧ .
ابنكثير/ تفسيره
وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ البقرة: ١٩٧، أمر الحجاج بأن يتزودواذلسفرهم ولا يسافروا بغير زاد، ثم نبههم على زاد سفر الآخرة وهو التقوى فكما أنه لا يصل المسافر إلى مقصده إلا بزاد يبلغه إياه فكذلك المسافر إلى الله تعالى، والدار الآخرة لا يصل إلا بزاد من التقوى، فجمع بين الزادين، فذكر الزاد الظاهر والزاد الباطن.
ابن القيم/ إغاثة اللهفان
ركزت آيات الحج في سورة ]البقرة[ على إظهار كمال الشريعة، بتضمنها للتخفيف والتيسير وإبطال ما أحدثه المشركون وأهل الكتاب في الحج من تحريف وتغيير بعد ملة إبراهيم عليه السلام، بينما ركزت سورة الحج على مقاصد الحج الكبرى بربطه بالتوحيد، وتأكيد الإخلاص، وتعظيم الشعائر والحرمات
د.محمد الربيعة
في قوله تعالى فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ البقرة: ٢٠٠ - أي: بعد التحلل من النسك فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ قال عطاء: هو كقول الصبي: أبه، أمه أي: فكما يلهج الصبي بذكر أبيه وأمه، فكذلك أنتم، فالهجوا بذكر الله بعد قضاء النسك.
تفسير القرآن العظيم
فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ لِمَنِ اتَّقَىٰ ۗ وفي هذا دليل على أن الأعمال المخير فيها إنما ينتفي الإثم عنها إذا فعلها الإنسان على سبيل التقوى لله دون التهاون بأوامره؛ لقوله تعالى لِمَنِ اتَّقَىٰ وأما من فعلها على سبيل التهاون، وعدم المبالاة فإن عليه الإثم بترك التقوى، وتهاونه بأوامر الله
ابنعثيمين،تفسيرسورةالبقرة
بعد أن أباح الله التعجل لمن اتقاه قال وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ البقرة: ٢٠٣، فالعلم بالجزاء من أعظم الدواعي لتقوى الله؛ فلهذا حث تعالى على العلم بذلك
ابنسعدي/ تفسيره
وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ البقرة: ٢١٦، في هذه الآية عدة حِكَم وأسرار ومصالح للعبد، فإن العبد إذا علم أن المكروه قد يأتي بالمحبوب، والمحبوب قد يأتي بالمكروه لم يأمن أن توافيه المضرة من جانب المسرة، ولم ييأس أن تأتيه المسرة من جانب المضرة؛ لعدم علمه بالعواقب فإن الله يعلم منها مالا يعلمه العبد.
ابنالقيم/ الفوائد
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ البقرة: ٢١٨ ، لو قال قائل في هذه الآية العظيمة: أنا أرجو رحمة الله وأخاف عذابه. ننظر: هل هو من المتصفين بهذه الصفات؟ فإن كان كذلك فهو صادق، وإلا فهو ممن تمنى على الله الأماني؛ لأن الذي يرجو رحمة الله حقيقة، لا بد أن يسعى لها
ابنعثيمين/ تعليقعلىالقواعدالحسان
أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ البقرة: ٢٢٩، هذه الآية في شأن النساء، وإمساكهن بالمعروف، أو تسريحهن بإحسان، ولا يبعد أن يشمل المعنى كل من يتعامل معه من الناس، كموظف أو مدرس، فقد يمكث أحدهم مدة، ثم تقتضي المصلحة أن ينتقل إلى ميدان آخر، فهل ينقطع حبل المودة؟ أو يفسر انتقاله بقلة المروءة ونكران الجميل؟ الجواب: لا. فأهل الكرم ينأون بأنفسهم عن ذلك، ويحسنون التسريح والتوديع، فيبقى الود، وتحفظ الذكريات الجميلة، وإن تفارقت الأجساد.
د.محمدالحمد/ خواطر
في قوله تعالى مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً ۚ وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ البقرة: ٢٤٥ إشارة إلى أن الصدقة ترجع لصاحبها حقيقة، ناهيك عن الأجر، حيث سماها قَرْضًا القرض حقه السداد، والمقترض هو الله سبحانه، ومن أوفى من الله؟ فكان رجوعها مقطوعاً به.
د.عبدالمحسنالمطيري
تأمل هذا المثل مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ ۗ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ البقرة: ٢٦١، فالأرض إذا أعطيتها حبة أعطتك سبع مائة حبة، هذا عطاء مخلوق، فكيف بعطاء الخالق؟!
يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ البقرة: ٢٧٦ وهذا عكس ما يتبادر لأذهان كثير من الخلق، أن الإنفاق ينقص المال، وأن الربا يزيده، فإن مادة الرزق وحصول ثمراته من الله تعالى، وما عند الله لا ينال إلا بطاعته وامتثال أمره، فالمتجرئ على الربا، يعاقبه الله بنقيض مقصوده، وهذا مشاهد بالتجربة
السعدي/ تفسير
الله تعالى إذا ذكر )الفلاح( في القرآن علقه بفعل المفلح]ابن القيم[ ، وليتضح كلامه - رحمه الله - تأمل أوائل سورة البقرة، فإن الله تعالى بين أن سبب فلاح أولئك المتقين هو إيمانهم بالغيب، وإقامتهم للصلاة، والإنفاق مما رزقهم الله... إلى آخر صفاتهم، وعلى هذا فقس، زادك الله فهما
انظرالتبيانفيأقسامالقرآن
أعظم آية يوعظ بها آكلو الربا، وأصحاب الأموال -الذين أشغلتهم أموالهم عن طاعة الله- ما ختم الله به آيات الربا، وهي آخر ما أنزله من وحيه، وهي قوله وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ۖ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ البقرة: ٢٨١.
د.محمدالربيعة
قال بعض العلماء: أرجى آية في القرآن آية الديْن ] البقرة: 282 [؛ فقد أوضح الله فيها الطرق الكفيلة بصيانة الديْن من الضياع، ولو كان الديْن حقيرا، قالوا: وهذا من صيانة مال المسلم، وعدم ضياعه ولو قليلا يدل على العناية التامة بمصالح المسلم، وذلك يدل على أن اللطيف الخبير لا يضيعه يوم القيامة عند اشتداد الهول ، وشدة حاجته إلى ربه.
الشنقيطي/ أضواءالبيان
لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ البقرة: ٢٨٦، جاءت العبارة ب لَهَا في الحسنات ؛ لأنها مما ينتفع العبد به، وجاءت ب وَعَلَيْهَا في السيئات؛ لأنها مما يضر العبد.