سيدنا طلحة بن عبيد الله

قال تعالى

 لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا 

الفتح 18
  

العبرة من دراسة سير الصحابة , أن نتأسى بهم، وأن نقْتَدِيَ بهم، وأنْ نجْعَلَهم مُثُلاً عُلْيا لنا 


أبو محمّد طلْحَةُ بن عُبَيْدِ الله، هذا صحابي جليل بعثه النبي صلى الله عليه وسلّم مع سعيد بن زيدٍ قبل خُروجِهِ إلى بدْرٍ، يتَجَسسان خبرَ العِير، فَمَرتْ بِهما، فَبَلَغَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم الخَبَرُ، فَخَرَج ورجعا يُريدان المدينة، ولم يعْلما بِخُروج النبيّ صلى الله عليه وسلم فَقَدِما في اليوم الذي لاقى فيه النبي صلى الله عليه وسلّم المُشْركين، فَخَرَجا يعْتَرِضان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فَلَقِيَاهُ مُنْصَرِفاً من بدْرٍ، فَضَرَبَ لهُما بِسِهامِهِما وأَجْرِهِما، فَكانا كَمَن شَهِدَها


شَهِدَ طلْحَةُ أُحُداً، وثبتَ مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم يومئِذٍ، ووقاهُ بِيَدِهِ فَشُلتْ إصْبعاهُ، وجُرِحَ يومئِذٍ أربعاً وعشرين جِراحَةً، ويُقال: كانت فيهِ خَمْسٌ وسبْعون بين طعْنَةٍ وضَرْبَةٍ ورَمْيَةٍ، وسَماهُ رسول الله صلى الله عليه وسلّم يومَ أُحُدٍ طلْحَةَ الخَيْر، وسماه يومَ غزْوة ذات العُشَيْرة  طلْحَةَ الفياض ، وسماه يوم حُنَيْنٍ طلْحَةَ الجود، فهذه مواقف مُشَرفَةٌ وقفها هذا الصحابِي الجليل 


فعَنْ الزبَيْرِ بْنِ الْعَوامِ ، قَالَ 

كَانَ عَلَى النبِي صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلمَ دِرْعَانِ يَوْمَ أُحُدٍ فَنَهَضَ إِلَى الصخْرَةِ فَلَمْ يَسْتَطِعْ ، فَأَقْعَدَ طَلْحَةَ  تَحْتَه ، فَصَعِدَ النبِي صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلمَ عَلَيْهِ حَتى اسْتَوَى عَلَى الصخْرَةِ ، فَقَالَ : سَمِعْتُ النبِي صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلمَ ، يَقُولُ : أ وجَبَ طَلْحَةُ 

أيْ وجَبَتْ له الجنة لانه جعل من نفْسِهِ  كرسيا للنبي عليه الصلاة والسلام 



وقالتْ عائِشَةُ رضي الله عنها

كان أبو بكرٍ رضي الله عنه إذا ذُكِر يومُ أُحُدٍ، قال:  ذلك كُلهُ يوم طلْحة



وقال أبو بكرٍ رضي الله عنه

كُنْتُ أولَ من جاءَ يومَ أُحُدٍ ، فقال لي النبي عليه  الصلاة  والسلام ولِأبي عُبَيْدة بن الجراح : عَلَيْكما به, يُريدُ طلْحة وقد نزفَ ، فأصْلَحْنا من شأنِ النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أتَيْنا طلْحة في بعض تِلك الحِفار فإذا به بِضْعٌ وَسَبْعون أو أقَل أو أكثر، بين طَعْنَةٍ وضَرْبَةٍ ورَمْيَةوإذا قد قُطِعَتْ إصْبعُهُ، فأصلَحْنا من شأنِهِ


عن موسى بن طلْحة عن أبيه طلْحةَ بن عُبَيْد الله، قال

لما رجَعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم من أُحد صَعِدَ المِنْبر، فَحَمِدَ الله وأثْنى عليه، ثمّ  قرا هذه الآية قال تعالى

مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدلُوا تَبْدِيلاً

فقام إليه رجُلٌ ، وقال: يا رسول الله! من هؤلاء؟ قال سيّدنا طلْحة: فأَقْبَلْتُ وعلي ثوْبان  اخضران ، فقال عليه الصلاة والسلام: أيها السائل، هذا منهم وأشار إلى سيّدنا طلْحة


قال أحدُ الصحابة

دخَلْتُ على طلْحَةَ  فرايته  مغْموماً، فَقُلْتُ : ما شأنُك؟ قالالمال الذي عندي قد كثر وكربني. قالت: وما عليك! اقسمه… فقسمه حتى ما بقي منه درهم واحد. قال راوي الحديث: فسألت خازن طلحة: كم كان المال؟ قال: أربعمائة ألف. وتقول سعدى زوج طلحة رضي الله عنهما: لقد تصدق طلحة يوما بمائة ألف درهم، ثم حبسه العري عن الرواح إلى أن جمعت له بين طرفي ثوبه


يقول تعالى

قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ ۚ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ

سورة سبأ الآية: 39


اشترى طلحة أرضاً له من عُثمان بِسَبْعمئة ألفٍ، فَحَمَلها إليه، ولما جاء بها، قال: إن رجُلاً تبيتُ هذه عنده لا يدْري ما يطْرُقُه من أمر الله لَغَريرٌ بالله، لأن الله عز وجل يقول:

يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ

سورة الانفطار الآية:  6 

هذا الصحابي الجليل قُتِل يوم الجمل، عن عُمُرٍ لا يتجاوز الاثنين والستين عاماً


http://www.nabulsi.com/web

تم عمل هذا الموقع بواسطة