أي شيء عرف من لم يعرف الله ورسله  ؟

وأي حقيقة أدرك من فاتته هذه الحقيقة ؟

 وأي علم أو عمل حصل لمن فاته العلم بالله  والعمل بمرضاته ومعرفة الطريق الموصلة إليه وماله بعد الوصول إليه   

ابن القيم رحمه الله


إن القلوب إذا لم يحركها حادي معرفة الله عز وجل وتعظيمه ،  فإن العطب سيتمكن منها ، والران سيكسوها ، فأي شيء يريده قلب لم يتعرف على الله عز وجل


فأي لذة في حياة من لم يتعرف على الله ، أو غفل عن سبل معرفته


قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ( والعلم بالله يراد به في الأصل نوعان )

أحدهما : العلم به نفسه ، أي بما هو متصف به من نعوت الجلال والإكرام ، ومادلت عليه أسماؤه الحسنى  وهذا العلم إذا رسخ في القلب أوجب خشية الله لامحالة ، فإنه لابد أن يعلم أن الله يثيب على طاعته ، ويعاقب على معصيته
والنوع الثاني : يراد بالعلم بالله : العلم بالأحكام الشرعية من الأوامر والنواهي ، والحلال والحرام 


وقال رحمه الله

  وهو – بحق –  أفضل ما اكتسبته القلوب وحصلته النفوس وأدركته العقول ، وليست القلوب  الصحيحة والنفوس المطمئنة إلى شيء من الأشياء أشوق منها إلى معرفة هذا  الأمر


 إن اللذة والفرحة وطيب الوقت والنعيم الذي لايمكن التعبير عنه إنما هو في  معرفة الله – سبحانه وتعالى – وتوحيده والإيمان به …وليس للقلوب سرور ولا  لذة تامة إلا في محبة الله والتقرب إليه بما يحبه ، ولاتمكن محبته إلا  بالإعراض عن كل محبوب سواه  


 والعبد كماله في أن يعرف الله فيحبه ، ثم في الآخرة يراه ويلتذ بالنظر إليه 


قال الإمام ابن القيم رحمه الله

 ولا ريب أن أجل معلوم وأعظمه وأكبره هو الله الذي لا إله إلا هو رب  العالمين ، وقيوم السموات والأرضين ، الملك الحق المبين ، الموصوف بالكمال  كله ، المنزه عن كل عيب ونقص 


 فكما أن عبادته مطلوبة مرادة لذاتها ، فكذلك العلم به ومعرفته أيضا ، فإن  العلم من أفضل العبادات  


  فالعلم بالله أصل كل  علم ، وهو أصل علم  العبد بسعادته وكماله ومصالح دنياه وآخرته ، والجهل به  مستلزم للجهل بنفسه  ومصالحها وكمالها وماتزكو به وتفلح ، فالعلم به سعادة  العبد ، والجهل به  أصل شقاوته 


  لاسعادة للعباد ولاصلاح لهم ، ولانعيم إلا بأن يعرفوا ربهم ويكون وحده  غاية مطلوبهم ، والتعرف إليه قرة عيونهم ، ومتى فقدوا ذلك كانوا أسوأ حالا  من الأنعام ، وكانت الأنعام أطيب عيشا منهم في العاجل وأسلم عاقبة في الآجل 


والفرح والسرور ، وطيب العيش والنعيم ، إنما هو في معرفة الله وتوحيده ، والأنس به ، والشوق إلى لقائه ، واجتماع القلب والهمة عليه ، فإن أنكد العيش : عيش من قلبه مشتت ، وهمه مفرق عن ذلك … فالعيش الطيب ، والحياة النافعة ، وقرة العين : في السكون والطمأنينة إلى الحبيب الأول ، ولو تنقل القلب في المحبوبات كلها لم يسكن ، ولم يطمئن ، ولم تقر عينه حتى يطمئن إلى إلهه وربه ووليه ، الذي ليس من دونه ولي ولا شفيع ، ولاغنى له عنه طرفة عين  

كيف تتعرف على الله عز وجل  


 تدبر القرآن الكريم ، كلام الله عز وجل الذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولامن خلفه .

العيش مع أسماء الله الحسنى وصفاته العليا ، وتعلمها ، وتأملها ، وتدبر آثارها على حياتك .

 كثرة العبادة وخصوصا عبادة التفكر والتقرب إلى الله عز وجل بأنواع العبادات .


إذا تجلى بصفات الرحمة والبر واللطف والإحسان انبعثت قوة الرجاء من العبد وانبسط أمله وقوي طمعه وسار إلى ربه وحادي الرجاء يحدو ركاب سيره، وكلما قوي الرجاء جد في العمل كما أن الباذر كلما قوي طمعه في المغل غلق أرضه بالبذر، وإذا ضعف رجاؤه قصر في البذر


إذا تجلى بصفات العدل والانتقام والغضب والسخط والعقوبة انقمعت النفس الأمارة وبطلت، أو ضعفت قواها من الشهوة والغضب واللهو واللعب والحرص على المحرمات، وانقبضت أعنة رعوناتها فأحضرت المطية حظها من الخوف الوخشية والحذر


إذا تجلى بصفات الأمر والنهي والعهد والوصية وإرسال الرسل وإنزال الكتب شرع الشرائع، انبعثت منها قوة الامتثال والتنفيذ لأوامره والتبليغ لها والتواصي بها وذكرها وتذكرها، والتصديق بالخبر والامتثال للطلب والاجتناب للنهي


إذا تجلى بصفة السمع والبصر والعلم انبعث من العبد قوة الحياء فيستحي ربه أن يراه على ما يكره، أو يسمع منه ما يكره، أو يخفي في سريرته ما يمقته عليه فتبقى حركاته وأقواله وخواطره موزونة بميزان الشرع غير مهملة ولا مرسلة تحت حكم الطبيعة والهوى


وإذا تجلى بصفات الكفاية والحسب والقيام بمصالح العباد وسوق أرزاقهم إليهم ودفع المصائب عنهم ونصره لأوليائه وحمايته لهم ومعيته الخاصة لهم انبعثت من العبد قوة التوكل عليه والتفويض إليه والرضا به، وما في كل ما يجريه على عبده ويقيمه مما يرضى به هو سبحانه والتوكل معنى يلتئم من علم العبد بكفاية الله وحسن اختياره لعبده وثقته به ورضاه بما يفعله به ويختاره له


وإذا تجلى بصفات العز والكبرياء أعطت نفسه المطمئنة ما وصلت إليه من الذل لعظمته والانكسار لعزته والخضوع لكبريائه وخشوع القلب والجوارح له، فتعلوه السكينة والوقار في قلبه ولسانه وجوارحه وسمته ويذهب طيشه وقوته وحدته






https://knowingallah.com/ar/articles
تم عمل هذا الموقع بواسطة