مدارج السالكين: الحب - تزكية النفس وسلامة القلب



  أكثر من مئة آية أو تزيد, تتحدث عن الحب, الحب مادته في القاموس حَبَبَ, ميلُ القلب, فقلبُ المؤمن لا بد من أن يميل إلى الله عزّ وجل, لا بد من أن يميل إلى الله .

 
   لو أن الإنسان طبّق الأشياء الظاهرة, ولم يجد في قلبه ميلاً إلى الله, لم يجد في قلبه أُنساً بالله, يجب أن يُراجع نفسه و يُراجع قلبه , هل هو سليمٌ كما أراد الله عزّ وجل؟: 

﴿يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ 

 (سورة الشعراء الآية: 88-89)



هل أنا أشدُ حباً لله؟: 

﴿قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾ 

(سورة التوبة الآية: 24)

 

  هناك علاقةٌ بين العبدِ وبين الربّ, العبد يحب الله عزّ وجل, والله سبحانه وتعالى في قرآنه الكريم قال:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾

(سورة المائدة الآية: 54)

 

  فاتجاه الإنسان إلى اللهِ وحبه له, دليلُ أن الله سبحانه وتعالى أسماؤه حسنى, المخلوقات جاءته مقهورة، أما الإنسان جاءه مُحباً، وشتان بين أن يأتي المخلوق مقهوراً وبين أن يأتي محباً, هو الاختيار؛ أنت تأتي ربك طائعاً، مختاراً، مستسلماً، طواعيةً، فتنتسب إليه:

﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾

(سورة الزمر الآية: 53)

 


 العبادة التي من أجلها خُلقنا، الله سبحانه وتعالى يقول :

﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾

)سورة الذاريات الآية:56(


  العبادة لو فقدت معنى الحب ليست عبادة, لو فقدت العبادة معنى الحب أصبحت طاعة ، وقد تطيع من لا تحبه، قد تحب من لا تطيعه، أما إذا أحببته وأطعته فقد عبدته 


من تعريف العبادة: غاية الخضوع مع غاية الحب .



  فإذا خلا الدين من الحب, أصبح الدين جسداً بلا روح

 

   الحب مُحرك والعقل مقود, أنت بالعقل تقود نفسك إلى الطريق الصحيح أو إلى الهدف الصحيح، أو أنت بالعقل تحافظ على بقائك على الطريق ولا تَزِلُ بك القدم, ولكنك بالحب تتحرك، تسير، تنطلق


  نحن نتحدث عن موضوع الحب, لأنه أصلٌ في الإيمان.

(لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لِما جئت به)

  

 لا بد من أن تُحبَ الله ورسوله قبل كلِ شيء, يا عمر كيف أصبحت؟ قال: واللهِ يا رسول الله, أصبحت أحبك أكثر من أهلي, وولدي, والناسِ أجمعين, إلا نفسي التي بين جنبي , قال: يا عمر لمّا يكمل إيمانك بعد -إلى أن قال له مرةً ثانية-: الآن يا رسول الله أحبك أكثر من أهلي, وولدي, والناسِ أجمعين, حتى نفسي التي بين جنبي, قال: الآن يا عمر .



   أهل الحب فازوا بشرف الدنيا والآخرة معاً, الحقيقة: أن الإنسان لا بد من أن يحب, الإنسان عقلٌ يدرك وقلبٌ يحب, والبطل الذي يعرف من يحب .



  أتحبُ الشيء الفاني أم تُحب الباقي؟ قال: أهلُ الحب ذهبوا بخير الدنيا والآخرة, بل ذهبوا بشرف الدنيا والآخرة, لِقول النبي عليه الصلاة والسلام:

(المرء مع من أحب)

 

 الله سبحانه وتعالى يرزق عباده جميعاً، يرحم عباده جميعاً، يعطي عباده جميعاً :

﴿كُلّاً نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً﴾

(سورة الإسراء الآية: 20)


  لكن الله سبحانه وتعالى لا يحب إلا المؤمنين الصادقين .

الحب شيء ثمين جداً، الحقيقة: سِلعةُ الله غالية:

أحبابنا اختاروا المحبة مذهـــباً وماخالفوا في مذهب الحب شرعنا
فلو شاهدت عيناك من حسننا الذي رأوه لمّا وليــــت عنّا لغيرنا
ولو سمعت أذناك حُسنَ خِطابنــا خلعت عنـك ثياب العُجبِ وجئتنا
ولو ذُقـــت من طعمِ المحبةِ ذرّةً عذرت الذي أضـحى قتيلاً بحبنا
ولو نسمـت من قربنا لك نسمــةٌ لمتَ غريباً واشتيـــاقاً لقربنا
فما حُبنا سهلٌ وكـل من ادعـــى سهولته قلنـــا له: قد جهلتنا
فأيسر ما في الحب للصب قتلـــه وأصعب من قتل الفتى يوم هجرنا

  

  فالحب ثمنه باهظ, لذلك قال: ألا إن سِلعةَ الله غالية, لكن المشكلة: أُناس كثيرون يدّعون الحب, خاضوا بحار الهوى وما ابتلوا, قضية سهلة :

كلٌ يدّعي وصلاً بليلى وليلى لا تُقرُ لهم بذاكَ



 قال سبحانه و تعالى 

﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾

(سورة آل عمران الآية: 31)


تعصي الإله وأنت تُظهر حبه ذاكَ لعمري في المقامِ بديعُ
لو كان حبك صادقاً لأطعته إن المحّبَ لمن يحبُ يطيع


   الطاعة محبة, أن لا تخافَ في الله لومةَ لائم هذه محبةٌ أعلى، أن تجاهدَ في سبيل الله نفسكَ وهواك، أن تضع كل شيء في سبيل الله, هذه محبةٌ أعلى، أن تبيع نفسك ووقتك وجهدك وخِبرتك واختصاصك وكُلَ ما تملك هذه محبةٌ أعلىالطاعة درجة, والجهاد درجة أعلى, والبيع درجة أعلى, لكنك إذا بِعتَ كلَّ شيء, نِلتَ كلَّ شيء, الله سبحانه وتعالى أكرمُ الأكرمين، إذا بِعته كلَّ شيء أعطاكَ كلَّ شيء وزيادة 




  إذا كنت مشغولاً بذكر الله وطاعته, مشغولاً بالتقرب إلى الله وخدمة خلقه, مشغولاً بإرضاء الله، تأتيك الدنيا وهي راغمة .
هم في مساجدهم والله في حوائجهم.



  كنّ لي كما أريد, أكن لك كما تريد، كن لي كما أريد, ولا تعلمني بما يصلحك.
 

  من أحبّنا أحببناه, ومن طَلَبَ منّا أعطيناه, ومن اكتفى بنا كنّا له وما لّنا .
 

  إذا بعت الله عزّ وجل وقتك وجهدك وخِبرتك وطاقتك وعضلاتك, بعته كلَّ شيء, نِلتً كلَّ شيء.
 

  يا ربي ماذا فَقَدَ من وجدك؟ وماذا وَجَدَ من فقدك؟ واللهِ ما وجد شيئاً .
 

 إذا سلّمت لي في ما أريد, كفيتك ما تريد, وإن لم تُسلّم لي فيما أريد, أتعبتك فيما تُريد, ثمَ لا يكون إلا ما أريد .


  كلمة الحب: إذا أردنا أن نبحث في اشتقاقاتها اللغوية, إلى أيّ الأبوابِ تعود؟ قال بعض العلماء: الحب مأخوذٌ من الصفاء والبياض, تقولُ: حَببُ الأسنانِ؛ أيّ بياض الأسنان ، فالحبُ فيه صفاءٌ وفيه بياض, والبياض له معانٍ كثيرة في المجتمعات، والحب بمعنى العلّو, والظهور شيء عالٍ، سامٍ، صارخ، ظاهر، تقول: حبب الماءِ فقاعات الهواء التي تعلو الماء, والحب: اللزومُ والثبات:

﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً﴾

(سورة الأحزاب الآية:23)

  

  الحب بمعنى اللبّ, قال بعضهم: الحبُّ لبابُ الدين, وبالدين مظاهر, يجب أن نؤديها كاملةً, ويجب أن نحترمها, ولكن لبَّ الدين هو أن تُحبَ الله عزّ وجل، الإيمان أن تُحبَ الله عزّ وجل كما قال النبي عليه الصلاة والسلام .



  الحب هو الحِفظُ والإمساك, ومنه حِبُ الماء أي وعاء الماء، الصفاء والبياض، العلو والظهور، اللزوم والثبات, اللباب، الحِفظُ والإمساك, هذه كُلها المعاني المستفادة من كلمة الحب

  

 الحقيقة: الحب شعور داخلي لا يظهر، له مظاهر مادية, كل شيء في داخل النفس له ما يؤكده في خارجها .

  

العلماء تنوعت تعريفاتهم للحب, قال بعضهم: المحبة هي الميل الدائم للقلب الهائم.
في ميل إلى الله, أما أهل النِفاق ينسون الله، يغرقون في دنياهم، يغرقون في مشكلاتهم، يتيهون في الحياة، لكن أهل الإيمان يذكرون الله كثيراً, لأنهم يحبونه كثيراً, ومن أحبَّ شيئاً أكثرَ من ذكره, قاعدة .




  وقيلَ في الحب: إيثار المحبوب على جميع المصحوب. جلسةٌ ممتعةٌ, وذِكرٌ للهِ عزّ وجل، نُزهةٌ رائعةٌ, ومجلسُ علمٍ للهِ عزّ وجل, طعامٌ نفيسٌ, وخِدمةٌ لإنسانٍ طيب .


  إذا كنت مُحباً لله دائماً وأبداً, تؤثر مرضاة الله عزّ وجل على حظوظ نفسك, حتى المباح, لكن الإنسان إذا أخذَ من الدنيا نصيبه, دون أن تشغله عن طاعةٍ, أو عن أداءِ صلاةٍ, أو عن مجلسِ علمٍ, أو عن قضاء واجبٍ, فهذا ليسَ من الدنيا, لأن الدنيا قِوام الحياة لقول النبي عليه الصلاة والسلام:

ليس بخيركم من ترك دنياه لآخرته, ولا من ترك آخرته لدنياه, إلا أن يأخذَ منهما معاً, فإن الأولى مطيةٌ للثانية .


الحب: موافقة الحبيب في المشهدِ والمغيب


  ورد في بعض الأحاديث:

(من لم يكن له ورعٌ يصده عن معصية الله إذا خلا, لم يعبأ الله بشيء من عمله)

دَخَلَ في النِفاق .


من علاماتِ المُحب: أنه يستكثر القليل من ذنوبه, ويستقلُ الكثير من طاعته, دائماً خائف , لذلك قيلَ: ذنبُ المؤمن كأنه جبلٌ جاثمٌ على صدره, وذنبُ المنافق كأنه ذبابة لا قيمة لها .



 

 الحب: معانقة الطاعة ومباينة المخالفة؛ دائماً مع الطاعة، دائماً مبتعدٌ عن المعصية ، مع الطاعة, مقتربٌ من الطاعة مبتعدٌ من المعصية, هذه من علامات الحب .

  
  

  ومن علامات الحب: أن تَهَبَ كُلَكَ لمن أحببت, فلا يبقى لك منه شيء .
سيدنا الصدّيق أعطى ماله كله لسيدنا رسول الله، قالَ: يا أبا بكر ماذا أبقيتَ لنفسك؟ قال: الله ورسوله

  

  جرت مساءلة في مكة المكرّمة بين علماءٍ كُثر, وكان الجُنيدُ أصغرهم، الإمام جُنيد هذا الذي قيل له: من وليُّ الله؟ قالَ: الذي تجده عندَ الحلال والحرام, فلما تحاوروا وسألَ بعضهم بعضاً, وكانَ الجُنيدُ أصغرهم سِناً, فقالوا: هاتِ ما عِندكَ يا عراقي, فأطرقَ رأسه ودمعت عيناه, ثم قال: عبدٌ ذاهبٌ عن نفسه، متصلٌ بربه، قائمٌ بأداء حقوقه، ناظرٌ إليه بقلبه، فإن تكلم فبالله، وإن نطقَ فعن الله، وإن تحرك فبأمر الله، وإن سكنَ فمعَ الله، فهو باللهِ وللهِ ومع الله, قالَ: فبكوا جميعاً, وقالوا: ما على هذا مزيد

  
 

  عبدٌ ذاهبٌ عن نفسه, نفسه تحتَ قدميه, يخضعها لطاعة الله, يحملها على مرضاة الله, لا يثأرُ لها أبداً, ذاهبٌ عن نفسه، متصلٌ بربه، قائمٌ بأداء حقوقه، ناظرٌ إلى الله بقلبه، إن تكلم فبالله، وإن نطقَ فعن الله، وإن تحرك فبأمر الله، وإن سكنَ فمعَ الله، فهو باللهِ وللهِ ومع الله .
 

  أهل الحب، أهل الإيمان، أهل الإحسان، أهل التقوى، أهل القرب، بيّنوا أن للحب وسائل, فالله عزّ وجل من رحمته جعل إليه طرائق, أحياناً جهة من الجهات, ليس لك إليها سبيل, الطريق مغلق, مهما حاولت، لكنَ الله سبحانه وتعالى جعلَ الطرائقَ إلى الخالق -كما يقال-: بعدد أنفاس الخلائق .

  
 

  من الطرائق أن تكون محبوباً عند الله عزّ وجل :

  

أولاً : قراءة القرآن بالتدبّر والتفهم لمعانيه وما أُريدَ به

  

ثانياً : التقرب إلى الله بالنوافل .

  

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:

  

(قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ, وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ, وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ)

  

في الصلوات، في الصيام، في الإنفاق، في المال حقٌ سِوى الزكاة، بالأعمال الصالحة ، بخدمة الخلق، بدوام ذِكره .

  
 

 ثالثاً : المداومة على ذكر الله .

  

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً﴾

  

سورة الأحزاب الآية: 41

  

الأمر منصب على الذِكر الكثير، لا على الذِكر فقط، على كلِ حالٍ؛ باللسان والقلب، والعمل والحركة، نصيبك من محبة اللهِ على قدرِ نصيبك من الذِكر 




رابعاً : أن تؤثر محابه على محابك عند غلبات الهوى .

  

خامساً : مشاهدة بره وإحسانه وآلائه .

 

 مشاهدة برّه وإحسانه وآلائه، التأمل في الآيات، تذّكر النِعم، تأمل العطايا، يعني النبي الكريم كان إذا أفرغَ ماعنده قال: الحمد لله الذي أذاقني لذّته, وأبقى فيَّ قوته, وأذهبَ عني أذاه.

   

  من علامات الحب: انكسار القلب بكليّته إلى الله، أبواب الله كثيرة, هناك باب واسع وسريعٌ, ليسَ عليه ازدحام, إنه باب الانكسارِ، الانكسارِ إلى اللهِ عزّ وجل, كلما ازدادَ حبك, جئته منكسراً, معلناً عن فنائكَ في ذاته 

  

  من علامات حبك لله قال: مجالسة المحبين الصادقين, لا تُحبُ إلا المحبين، إذا مالَ قلبكَ إلى أهلُ الدنيا, وأردتَ أن تكون معهم, وأن تُقيم علاقاتٍ وشيجة معهم وهم بعيدون, سرعان ما تعود .

 

  كلما كنتَ محباً, تمنيت أن تكون مع المحبين في مجالسهم، في جلساتهم، في خلواتهم, مجالسة المحبين الصادقين, والتقاط أطيب ثمرات كلامهم, كما تُنتقى أطايبُ الثمر .
 

  كنت محباً للهِ عزّ وجل, فكلُ شيء يقطعك عن الله عزّ وجل تَفرَ منه, فِرارك من وحشٍ كاسر، نظرةٌ تبعدك عن الله, فبالغ في غض البصر، شبهة في لقمة ابتعد عنها .
النبي عليه الصلاة والسلام تأخّر عليه الوحيُ فقالَ:
 

(يا عائشة, لعلّي أكلتُ تمرةً من تمرِ الصدقةِ وأنا لا أدري)

  

  قالَ الشاعر :

 

لا يعرف الشوق إلا من يكابده ولا الصبابة إلا من يعانيها


http://www.nabulsi.com

تم عمل هذا الموقع بواسطة